حالات عدم الوضوح بشكل عامّ وحالات الطوارئ بشكل خاصّ من المحتمل أن تثير فينا الخوف والقلق. وهذه المشاعر الصعبة لا تتجاوز الأولاد صغارًا أو كبارًا وبغض النظر إذا كانوا يتعرضون إلى الأحداث بشكل مباشر أو عرفوا عنها بشكل غير مباشر.
التطوّر العاطفيّ، والعقليّ والكلاميّ لدى الأولاد يكون في مراحل النضوج المختلفة وهم يستعينون بالكبار من أجل تفسير وفهم الأحداث وتنظيم مشاعرهم من أجل أن يشعروا بالأمان ولكي يتخلّصوا بسرعة من حالات الضيق ويستعيدوا رباطة جأشهم. كلّما كانوا صغارًا أكثر كانت ردود فعل الأولاد مرتبطة ليس بالأحداث الخارجيّة فحسب، بل بردود فعل الكبار الذين من حولهم.
إلى جانب ذلك، الأولاد وأبناء الشبيبة هم بشكل عامّ محصّنون ويظهرون قدرة عالية على التأقلم السليم.
نحن، كأولياء أمور يمكننا أن نقدّم المساعدة للأولاد وأن ندعمهم في المراحل الصعبة. وظيفتنا الأساسيّة في حالات الضيق أن نشعرهم بأنّنا موجودون إلى جانبهم، نهتمّ بهم نفهمهم ونحبّهم.
إليكم بعض الأمثلة على الطرق التي نستطيع بواسطتها أن نساعد الأولاد وأن ندعمهم خلال الحدث الصعب وبعده:
1. قبل كلّ شيء، اهتمّوا بأنفسكم.
الأولاد ينظرون إلى الكبار الذين من حولهم – ويستعينون بردود فعل الكبار من أجل تفسير وفهم الأحداث الخارجيّة. نوصي بعدم إخفاء أو التنكّر لمشاعركم أمام الأولاد، لا مانع من أن يرى الأولادُ الكبارَ الذين حولهم حزينين، قلقين، أو باكين. ولكن، إذا كانت مشاعركم أنتم أنفسكم، صعبة وغامرة جِدًّا، إذا كنتم تشعرون بقلق ومخاوف لا تستطيعون السيطرة عليها فإنَّ ذلك من المحتمل أن يثير قلق الأولاد لذلك من المهمّ أنّ تهتموا بمعالجة أنفسكم لكي تكونوا قادرين على تقديم المساعدة لأولادكم. كونوا قدوة شخصيّة لهم في ضبط النفس – حافظوا قدر استطاعتكم على الروتين اليوميّ، تغذية سليمة، شرب ونوم، امتنعوا عن التعرّض الزائد لوسائل الإعلام والنشاطات الحيويّة.
2. من المهمّ أن نتذكّر ومن المهمّ أن نشرح – مشاعر الأولاد وسلوكيّاتهم تنجم عن الأحداث وعن الوضع الصعب. وهي طبيعيّة لهذه الحالات.
حالات الطوارئ وعدم الوضوح تثير المخاوف والقلق لدى الجميع. اجعلوا الأولاد يفهمون بأنّ مشاعرهم، أفكارهم وردود فعلهم لا تدلّ على أنّهم مختلفون، ضعفاء أو لا قيمة لهم. اشرحوا للأولاد بأنّ الوضع ليس عاديًّا. وهو مقلق وموتّر وكلنا نتفاعل معه بطرق مختلفة –التعابير الجسديّة، السلوكيات والمشاعر هي "تعابير طبيعيّة للوضع غير الطبيعيّ."
تذكّروا أنتم أيْضًا بأنّ الكثير من التغييرات السلوكيّة هي مؤقّتة وستزول عندما يهدأ الوضع. مع أنّنا يجب أن نتعامل مع هذه التغييرات بأنّها لا تدلّ بالضرورة على وجود شيء غير سليم لدى الأولاد.
3. كوّنوا للأولاد حيّزًا آمنًا ومتفهّمًا لكي يعبّروا عن مشاعرهم وأفكارهم.
من المهمّ المبادرة إلى إجراء محادثات عن الوضع/ الحدث – وشرح الأحداث بلغة ومصطلحات تتلاءم مع أعمار الأولاد ومع مرحلتهم التطوّريّة. لا تفرضوا المحادثة على الأولاد. من المحتمل أن تحتاجوا إلى عدة توجّهات قبل أن يشعر الأولاد بالأمان بشكل كامل يسمح لهم بالحديث عن المواضيع التي تقلقهم.
شجّعوا الأولاد على أن يسألوا وأن يشاركوا في مشاعرهم وأفكارهم بواسطة طرح أسئلة مثل: "ماذا تعرفون عن الأحداث"، "هل هناك ما يقلقكم/ يغضبكم بشكل خاصّ، ماذا تحبّون أن يحدث؟"، "ما الذي يجعلكم تشعرون بشكل أفضل؟".
أصغوا إلى الأولاد باهتمام ومن دون إزعاج – عبّروا عن تفهّمكم لوجهة نظرهم قبل أن تقوموا بتصحيح أو بإعطاء النصائح وبأن تعدوهم بأن كلّ شيء سيكون على ما يرام.
شجّعوا التعبير العاطفيّ بعدّة طرق كلاميّة وغير كلاميّة مثل لعبة تمثيل الأدوار، الكتابة، الرسم، النحت، الدراما وإلخ.
4. أعطوا معلومات واشرحوا وقرّبوا الأحداث.
احرصوا على أن تعطوا أولادكم معلومات محتلنة ومتواصلة عن الأحداث. فنّدوا الإشاعات مثل: كلّهم وكذلك الأولاد الصغار وأبناء الشبيبة بحاجة إلى معلومات عمّا يحدث حولهم من أجل زيادة شعورهم بالأمن ومن أجل سيطرتهم.
لائموا كمّيّة المعلومات ومضمونها لعمر الأولاد وللمرحلة التطوّريّة التي هم فيها – تحدّثوا مع الأولاد عندما تكونون (جسديًّا) بمستواهم. الأولاد في سنّ الطفولة المبكرة يحتاجون إلى الحد الأدنى من المعلومات بشكل مبسّط وواقعيّ. في سنّ المدرسة يمكن دمج نماذج من الحياة اليوميّة "كما يحدث خصام بين زميلين في المدرسة …"؛ أبناء الشبيبة بحاجة إلى معلومات واسعة تدمج جوانب تاريخيّة، اجتماعيّة، وسياسيّة كما يمكن أن نعرض لهم تعقيدات الوضع (ولكن يجب الامتناع عن جعل الشيء كارثيًّا أو "تهديدًا حياتيًّا"). من المهمّ إجراء محادثة مفتوحة فيها يسهم أبناء الشبيبة من مواقفهم.
احرصوا أن تزرعوا في شروحكم رسائل مهدّئة ونماذج أو نصائح تتعلّق بطريقة المواجهة – "مَعًا نحن أقوياء"؛ "البابا والماما والمعلّمة والمعلّمون كلهم معكم من أجل حمايتكم " وإلخ. أو نماذج من تجارب مواجهات ناجحة من ماضيكم.
أنهوا المحادثة مع رسائل متفائلة "هذا الوضع هو وضع مؤقّت وهو سينتهي…"، "في الماضي أيْضًا عرفنا كيف نواجه مثل هذا الوضع".
من المهمّ أن نشرح للأولاد أيْضًا السياق الواسع للأحداث وأن نمنحهم الشعور بمعنى الحياة في المنطقة المعرّضة للخطر بحيث يشعرون بأنّه توجد قيمة لأعمالهم. كلّ عائلة بحسب منظومة معتقداتها وقيَمها.
احرصوا على توزيع كمّيّة انكشاف الأولاد على وسائل الإعلام/ شبكات التواصل الاجتماعيّ – كونوا إلى جانبهم وانقلوا لهم ما يقال عندما يقومون بمشاهدة التلفزيون؛ كونوا متداخلين في شبكات التواصل الاجتماعيّ وفي مجموعات الأولاد؛ فنّدوا الإشاعات وشجعوهم على استهلاك معلومات مفحوصة (متأكّدون من صحّتها).
5. زيدوا التضامن العائليّ.
الدعم الاجتماعيّ والتضامن العائليّ معروفان كمورد حصانة مهمّ جِدًّا بالنسبة إلى الأولاد والكبار على حدّ سواء. لائموا طريقة الدعم لسنّ الأولاد ولمستوى تطوّره.
زيدوا من التلامس البدنيّ أمضوا أوقاتًا أطول من العادة بالقرب من الأولاد، العبوا معهم؛ احرصوا أنّ تقولوا للأولاد بصوت مرتفع بأنّكم معهم، تهتمّون بهم وتحافظون عليهم (تحمونهم)؛ ادعوا الأولاد إلى المشاركة في مشاريع مشتركة في البيت؛ قوموا بمحادثات ووجبات مشتركة.
في فترات التوتّر والضيق تزداد حساسيّة الأولاد وحاجتهم إلى وحدة عائلية مستقرّة وداعمة. في هذه الفترة من المحتمل أن ينتبه الأولاد إلى النقاشات التي تدور بين الوالدين أكثر من انتباههم إليها في الأيام العادية. من المفضّل، قدر الإمكان، تخفيف التوتّرات بين الوالدين من أجل مساعدة الأولاد على مواجهة الفترة المعقّدة. 6. حافظوا على الروتين.
الأولاد بحاجة ماسّة إلى الروتين، حالة الطوارئ تقطع تسلسل الروتين وتضعف الشعور بالأمن، وتخلق الإحساس بالعجز وفقدان السيطرة. حافظوا على جدول الأعمال الدائم – ساعة النوم وساعة الاستيقاظ، وجبات منتظمة (في ساعاتها المحدّدة)، ممارسة النشاطات التي مورست في الروتين قدر الإمكان. أو كوِّنوا روتينًا يوميًّا جديدًا يحافظ على الطقوس والقيم المعروفة لكم كعائلة (وجبات مشتركة، ألعاب مشتركة وإلخ).
حافظوا على القيام بالواجبات في البيت – واجبات النظافة، الاهتمام والعناية بالحيوانات الأليفة، تحضير الوظائف البيتيّة وإلخ. استمرار الحرص على قيامهم بواجباتهم في البيت تساعد على المحافظة على الروتين، وتساعد الأولاد على الشعور بالقدرة العالية وتحافظ على الشعور إحساسهم بالهويّة. ومع كلّ ذلك اظهروا حساسيتكم ولائموا طلباتكم مع الوضع الحسّاس للأولاد.
حافظوا على القوانين والمعايير في البيت – قواعد السلوك المقبولة في الروتين سارية المفعول في الطوارئ أيْضًا والمحافظة عليها تحافظ على الأولاد في حين أنّ فقدان هذه القواعد يسيء إلى شعور الأولاد بالأمان. إلى جانب ذلك، من المهمّ أن نذكر أنّ الأولاد أحْيانًا يعبّرون عن شعورهم بالضيق بواسطة تصرفاتهم ونوبات غضبهم، معارضاتهم وحتى العنيفة الأمر الذي يتطلّب المزيد من الصبر من جهة الوالدين.
7. فعّاليّة وتفعيل.
الفعّاليّة الحيويّة، المبادرة وتحمّل المسئوليّة تساعد على إعادة الشعور بالسيطرة، وعلى تنفيس الضغط والتوتّر وتوجيه الطاقات التي تتراكم في الجسم.
حمّلوا الأولاد المسئولية في المجالات المختلفة في البيت وفي إدارة روتين الطوارئ – أشعروهم بأنّهم قادرون على المواجهة. للأولاد الكبار يمكن أن نعطيهم المسئوليّة عن إخوتهم الصغار، وعن الحيوانات الأليفة التي يربّونها، أمّا الأولاد الصغار فيمكن تحميلهم المسئولية عن إضاءة الطوارئ، المصباح، المياه والمعدّات؛ والمسئولية عن شحن التلفونات وإلخ.
حاولوا أن تبادروا إلى فعّاليّة حيويّة خارج البيت إذا أمكن أو بداخله – رقص/ دبكة أو تمارين رياضيّة أخرى تخلّصهم من التوتّر الجسمانيّ ونزيد من الشعور بالمتعة.
من المحبّذ أيْضًا أن نبادر إلى فعّاليّة مهدّئة – الإصغاء إلى الموسيقى، مشاهدة أفلام، لقاءات اجتماعيّة وإلخ. هذه ممتعة وتوفّر جوًّا لطيفًا وتصرف النظر والفكر عن القلق المتعاظم.
8. المحافظة على الطائفة والاتّصال بها.
في حالات الضيق وأكثر من ذلك في حالات الضيق المتواصل يوجد للطائفة دور مهمّ في زيادة الحصانة وفي مساعدة الأفراد على مواجهة الضيق الذي يشعرون به.
شجّعوا الأولاد وساعدوهم على المحافظة على التواصل مع أصدقائهم – العلاقات الاجتماعيّة يمكن أن تساعد على الحدّ من شدّة الشعور بالضيق. المراهقون بشكل خاصّ يستعينون بعلاقاتهم مع أترابهم.
شاركوا في الفعّاليّات الجماهيريّة التي تقام كونوا على تواصل مع جيرنكم زيدوا من مشاركتكم الاجتماعيّة ومن أعمال التطوّع.
9. لا تتردّدوا في التوجّه إلى المساعدة المهنيّة – بقدر حاجتكم.
من المحتمل، أحْيانًا، أن تغمر الأولاد الضائقة العاطفيّة. لكي نحول دون دوام الضائقة ولكي نساعد الأولاد على مواجهة الوضع يمكننا الاستعانة بالمساعدة المهنيّة. كيف تعرفون متى يجب تدخل المساعدة المهنيّة؟
– إذا كانت ردود فعل الأولاد متطرّفة وخطيرة بالنسبة إلى الأولاد الآخرين أبناء سنّهم الموجودين في نفس البيئة.
– إذا كانت ردود فعل الأولاد لا تتحسّن بل تزداد خطورة مع مرور الوقت.
– إذا اختلّ أداء الأولاد بشكل خطير (اختلال في النوم، تغييرات كبيرة في الشهية أو يرفض الخروج من البيت/ يبقى في الفراش طيلة الوقت).
ما هي الأشياء التي يجب الامتناع عنها؟
– تحديد نشاط الأولاد بشكل متطرّف (في مثل هذه الحالات يمكن المعرفة من خلال مشاهدة البيئة القريبة).
– تقبُّل سلوك امتناع لدى الأولاد لفترة طويلة (لا يريدون النوم في فراشهم، أسرّتهم، لا يريدون الخروج من البيت وإلخ).
– غمر الأولاد بمشاعركم أو التعرض لضائقة غير منتظمة لكم أمامهم.
– إجبارهم على فعّاليّات تثير المخاوف لدى الأولاد.